بسم الله الرحمن الرحيم
بعد التحية لكافة الاحبة القائمين على هذا الملتقى المتميز وكافة الاحبة المشاركين فيه والمتابعين له، اسمحوا لي ان ابداء مشاركاتي بكلمة ارتجالية القيتها في اليوم الاول لاستشهاد فارس الشهداء.
ففي يوم استشهاد القائد، سارعت جامعة النجاح الوطنية، بادارتها وشبيبتها، لتعلن عن فتح ابوابها لتستقبل ساحاتها المهنئين باستشهاد الرمز. ومع بدأ قدوم الوافدين بدأت مكبرات الصوت تصدح؛ بتراتيل من الذكر الحكيم احيانا وبالخطابات لمختلف التنظيمات والقطاعات احيانا اخرى. وكنت في تلك اللحظات وقد اخذ جسدي موقعه في الصف المخصص لاستقبال الوافدين، وروحي ترفرف فوق سماء باريس لتلقي النظرة الاخيرة على فارس الشهداء، والعقل مني شارد بقلقه على المستقبل الفلسطيني. أمضيت وقتا اقدره بالساعات، اشاهد الحزن العميق في عيون الكثيرين والاحظ التساؤلات في عيون اخرين واستمع الى احاديث بعض المنافقين. استمع الى كلمات الرثاء وهي في الغالب نابعة من الوجدان. كلما استمعت الى خطاب يتعزز قلقي، فالكل يشعرني بحالة التوهان!!! الكل مضطرب الا المنافقين والانتهازين؛ فقد انخرطوا في نقاش حول الرجل الذي سيخلف الشهيد!!! هؤلاء الذين كانوا يبيتون على عتبات الختيار، في يوم وفاته يستعدون للالتفاف حول من سيقع عليه الخيار!!! فجأة وبينما انا احاول الحفاظ على هدوئي واكظم غيظي تقدم نحوي الاخ منسق الشبيبة طالبا مني التحدث، اي القاء كلمة رثاء. كنت في تلك اللحظة اشعر بانني بحاجة لمن يرثي حالي؛ ولكن الاخوة لم يتركوا لي مجالا حتى للتفكير؛ اذ كانوا قد بدؤا بتقديمي الى المنصة. وانا في طريقي الى المنصة لم يخطر ببالي شيء سوى حوار الانتهازين واستوقفني ايضا صوت عريف الحفل الذي وصفني بحبيب الشهداء!!!
عندما اعتليت المنصة؛ نظرت الى الجمع فوقع نظري على حفنة الانتهازين والمنافقين. قررت ان ابداء الحديث دونما تحية لاحد، وان اخاطب الختيار مباشرة، على اعتبار ان كل الحضور اموات والختيار فقط حي!!! لست ادري كيف انسابت تلك الكلمات والتي كانت مزيجا من المرارة والحب والوفاء والارادة...............
حبيبي ابا عمار،
استسمحك بان اعترف الان امامك ... ففي دنياك حرصت ان لا اطرق بابك ... كي لا ازيد من همومك وعذابك ... وكي لا اتهم باني متملق او منتفع كبعض روادك.(هنا اشير بيدي الى التجمع البغيض انف الذكر)
اما الان فتنتابني مرارة ... واود ان اخاطبك بحرارة ... لكن كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة ... يا اول الرصاص واول الحجارة ... يا من تعرضت لغارة تلو الغارة ... من الاعداء تارة ومن الاهل تارة (اشير مرة اخرى بنفس الاتجاه) ... وكنت تتصدى لها بكل مهارة وجدارة ... نعم ففي كل مرحلة كانت لك الصدارة.
حبيبي ابا الاحرار،
يا من اخترت الخطر ... مؤمنا بالقضاء والقدر ... يامن ركبت البحر ... مثقلا باعباء هذا الدهر ... فلم يضنك عبء سفر ... ولم تستسلم لطول سهر ... يامن قاتلت بصبر ... طالبا الشهادة او النصر ... الى ان شاء القدر ... فرحلت مع اذان الفجر ... وفي ليلة من ليالي الجبر ... ربما كانت ليلة القدر ... رحلت؛ لتكون لفلسطين اثمن مهر ... وتبقى لشعبك عنوان فخر .
ايها الياسر الكاسر،
ايها الياسر الكاسر ... يا موج البحر الهادر ... يا زارع الزرع وحارس البيادر ... ايعقل انك الان من سكان المقابر؟! ... ورحلت الى جوار ربها روحك الطاهر؟! ... نعم هي الحقيقة لكننا سنرفض ونكابر ... فسنستمر معك كانك بيننا حاضر ... ولن ناخذ لغيرك شان ولا خاطر ... فانت الفكر فينا ايها الياسر الكاسر ... ومن اجل هذا الفكر سنبقى نعمل ونثابر.
رحلت يا جبل!
يا من رحلت وانت توزع البسمة والقبل ... حتى في الوداع كنت تزرع الامل ... يا من انتشلت الهوية من الازل ... يا من استعدت لشعبك الامل ... يا من خضت كل المعارك دون كلل او ملل ... رحلت يا جبل رحلت يا بطل ... رحلت لتسكن في القلوب والعقول والمقل ... طوبى لك يا جبل هنيئا لك يا بطل.
اه يا جبل!
دعني اصارحك يا جبل... فمن اللحظة بدأ العهر والدجل... فمرحلة قطف الثمار بدأت على عجل... لكنني اطمئنك، ما زال هناك أمل... فبعض الرجال على العهد لا تزل(وهنا اشرت الى تجمع لاخوة عرفتهم مناضلين)... والرجل منهم يعد بالف كما قال المثل.
باسمهم جميعا اعاهدك واعدك... ان نبقى على هذا الدرب مهما طالت الحرب... ان نبقى على هذا الدرب حتى لقاء الرب... وانها لثورة حتى النصر... حتى النصر... حتى النصر.
ملاحظة: والله لست بشاعر... لكن هذا الزمن العاهر... حول اكفان الشهداء الى دفاتر... وقلوبنا للدفاتر محابر.