مطالبة حماس ببديل عن منظمة التحرير تدفع المعارضين لإصلاحها

غزة- يوسف صادق

رأى مراقبون للشأن الفلسطيني أن حديث حركة حماس المتكرر عن منظمة التحرير الفلسطينية والبحث عن بديل لها سيترك أثرا كبيرا على جميع الحركات بما فيها فتح من خلال حثها على فكرة إصلاح المنظمة.

وتتفق جميع الفصائل على أن منظمة التحرير هي مظلمة لهم فيما أعرب بعضهم عن تفهم دعوات حماس الآن معتبرين أنها لا تتجاوز فكرة إصلاح هذه المنظمة، وهذا مطلب قديم جديد.

"قنبلة حماس التحذيرة"، هكذا وصفها الكاتب والمحلل السياسي، ورئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية، سري القدوة. وقال للعربية.نت " الأمر لا يخرج عن إطار التلويح بضرورة التحرك لإصلاح المنظمة، خاصة وأن قيادات في حماس أكدت على أن المنظمة هي المظلة الرئيسية وعنوان الفلسطينيين".




قنبلة حماس

وأضاف سري القدوة "أعتقد أنها مناورة سياسية من حماس من أجل دفع الفصائل المختلفة، وبخاصة فتح، للإسراع في الحوار الوطني الشامل وتفعيل دور المنظمة بشكل أفضل وأنسب. لكنها في المقابل، فإن حماس ترى أن التهديد بحد ذاته لتلك الورقة، هو لتعزيز موقفها التفاوضي في الحوار الوطني الفلسطيني، وإشارة بأنها تلم أدوات وأوراق بديلة في حال إنهيار المفاوضات الفلسطينية- الفلسطينية".

واعتبر القدوة أن مستويات العمل في المرحلة المقبلة تتطلب من الجميع "مضاعفة الجهد لتوحيد الإمكانيات لتشكيل موقف وطني موحد وإجماع شامل نحو تعزيز العلاقة الفلسطينية لصياغة المستقبل انطلاقا من قاعدة الوحدة الوطنية وحماية إنجازات الشعب الفلسطيني التي هي فوق أي اعتبار".

وأضاف للعربية.نت "المهام الملقاة على عاتق الفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير هي مهام واضحة وتتطلب حشد الجهود والإمكانيات. فعلى الجميع أن يتحمل المسؤولية التاريخية بهذه المرحلة الحساسة والدقيقة من حياة شعبنا الفلسطيني".

واتفقت الفصائل الفلسطينية في القاهرة في مارس 2005م على إعادة صياغة المنظمة مع مراعاة المستجدات السياسية والفصائلية على الساحة الفلسطينية. وتعارض حركتا حماس والجهاد الإسلامي محادثات السلام مع إسرائيل، لكن حماس دخلت الإنتخابات التشريعية مطلع عام 2006، وهي الإنتخابات التي إنبثقت من خلال إتفاقية أوسلو التي أبرمتها منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل، والتي نتج عنها قيام سلطة وطنية فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.



رأي فتح

من جانبه، اعتبر عضو المجلس الثوري لحركة فتح عدلي صادق أن الحديث عن تفعيل المنظمة وشمولية تمثيلها لكافة القوى الحية على الساحة الفلسطينية هو كلام "حق يراد منه حق، أياً كان قائلها، أما الحديث عن إطار ومرجعية جديدة، فإنه فضلاً عن كونه يعزز الإنقسام الفلسطيني الداخلي، فهو أيضاً غير واقعي على الإطلاق".

وقال صادق للعربية.نت " من حق أي طرف أو إطار داخل منظمة التحرير الفلسطينية أن يعترض على أدائها وسير عملها، كونه يخضع للبرنامج السياسي العام لحركة التحرير، لكنه لا يصح الإعتراض على ودورها أو تكوين نظام سياسي بديل كما صرح خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مؤخراً".

وأضاف عضو المجلس الثوري لحركة فتح أن أقصر الطرق لإنهاء الجدل الفلسطيني، "لا يكون بالرد على مشعل، وإنما بالذهاب فوراً إلى تفعيل المنظمة"، معتبراً أن السبب الرئيسي في إعاقة تفعيلها هو التمثيل النسبي للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وذلك لسببين "أن المنظمة الآن غير فاعلة بالدرجة المطلوب منها، والسبب الآخر كونها لا تمثل جميع الشعب الفلسطيني وفصائله".

وأضاف " في تقديري أن الكوارث والحروب ونتائجها هي التي تنتج الدبلوماسية. ففي وقت الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، نشأت الحاجة إلى دبلوماسية فلسطينية ينخرط فيها أؤلائك الذين لم يدخلوا المعترك السياسي في المنظمة، كونها حاضنة المشروع الوطني الفلسطيني، ليتم الضغط بإتجاه الحصول بالحد الأقصى من الحقوق الفلسطينية، وليس بالطريقة التي تضغط بها الآن السلطة الوطنية الفلسطينية وهي الإطار الأصغر والتي لم تنتج شيئاً على أرض الواقع".




لا مساس بالمنظمة

ويبدو واضحا، حتى في حماس ذاتها، أن كافة الفصائل الفلسطينية تميل نحو إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية القائمة بالفعل، كمظلة وطنية للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده. وبحسب منسق عام حركة اللجان الثورية الفلسطينية أحمد جبر فان "منظمة التحرير الفلسطينية هي البيت الفلسطيني العتيق الذي لا يمكن المساس به ذلك، وهو ليس ملكا للأحياء فقط بل هو ملك للأجيال القادمة التي تستظل به ولقوافل الشهداء، على الرغم من الفكر الذي تتبناه حركة اللجان الثورية والذي يقف في وجه مبدأ النيابة والتمثيل للجماهير".

وقال جبر للعربية.نت "المنظمة بحاجة إلى إصلاحات حقيقية وموضوعية تتناسب والمرحلة النضالية الفلسطينية لتنتظم فيها كافة الأطر الفلسطينية على اختلاف ألوان طيفها السياسي ولتتوحد فيها الجهود وترص الصفوف من اجل تحقيق الحلم الفلسطيني. وبالتأكيد فقد يواجه ذلك بعقبات أو صعاب وبخاصة من الذين تستهويهم الأنا، ولهذا نطالب الجميع بعدم التمترس خلف المواقف والمعتقدات، وتقديم مصلحة الشعب الفلسطيني لتكون هي العليا".

وأضاف "لا يوجد مبرر لأحد على إبقاء الوضع الفلسطيني على ما هو عليه الآن سواء من انقسام أو السرعة في انجاز الإصلاحات في منظمة التحرير التي ينبغي لها احتضان أي فصيل فلسطيني جديد أو قديم، حتى لو اختلف معها في الفكر".

وأشار منسق عام حركة اللجان الثورية الفلسطينية إلى أنه "من الطبيعي أن تختلف أطر المنظمة فكرياً، لطالما يسير الجميع في فلك السياسة العامة لها، لأن ذلك يحسن من مستوى القرارات المصيرية التي تتخذها، بما يتناسب مع رؤية قادة الفصائل الفلسطينية التي تعبر عن رأي مناصريها".

واستعرض جبر مسيرة حركته تجاه الدخول فعلياً في إطار منظمة التحرير الفلسطينية. وقال للعربية.نت "نحاول منذ سنوات في الدخول تحت لواء المنظمة، علماً بان الرئيس الراحل ياسر عرفات كان قد صادق في العام 1993 على قرار دخول حركتنا في إطار المنظمة (..) لكن عملياً لم يُنفذ حتى اللحظة".

وتعتبر حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، هي الفصيل الأكبر من بين 11 فصيلا تتكون منهما منظمة التحرير الفلسطينية، التي وقعت في أوائل التسعينات اتفاقات سلام مع إسرائيل تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية.




مطلب قديم

من جانبه أعتبر عبد العزيز قديح، عضو المجلس الوطني الفلسطيني، عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، أن المطالبة بإعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية ليست بالأمر الجديد. وقال للعربية.نت "هذا موضوع قديم. لقد طالبنا بتفعيل وتطوير المنظمة، كي تتسع لكل القوى الفلسطينية الفاعلة، على قاعدة البرنامج الوطني وهو برنامج المنظمة كونها الإطار الذي يمثل كل الشعب الفلسطيني".

وأكد رفض جبهته للبحث عن أية بدائل للمنظمة سواء بأيد عربية أو أطراف فلسطينية. وقال "المنظمة تمثل كياناً ووطناً للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج"، منوهاً إلى أن هناك إمكانية رغم إختلاف الأيدلوجيات بين الفصائل الفلسطينية، إلى التوحد تحت مظلة المنظمة، خاصة وأن حماس قبلت في وقت سابق طرح دولة فلسطينية في حدود الـ 67، وهو الطرح الذي تبنته المنظمة".

وأشترط عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني ذلك، بتغليب المصلحة الوطنية العليا عن التجاذبات الإقليمية والدولية، خاصة وأننا "لا زلنا في مرحلة التحرر الوطني، ولم ننجز مهمتنا الوطنية"، معتبراً أنها "القاعدة الذهبية التي إستندت إليها كافة ثورات العالم التحررية".


[center]

يسلمو على موضوعك